اقضي قسما من وقتي اليومي في قراءة تعليقات عامة من المشتركين على اخبار سياسية وحتى اجتماعية تنشرها الابواق هنا وهناك. وانوع متابعتي بين الابواق كذلك نوع الاخبار.
أيضا أعرج بعض الشيء على معلقين معينين وإذا سمح حسابه بان ادخل اليه كي أرى نشاطاته وتفاعلاته لأكوّنْ صورة ما اكثر دقة عما وصل اليه المجتمع العربي وطرق تفكيره.
اتبع هذه الطريقة منذ سنين طويلة وان لم تخني الذاكرة منذ ظهور مواقع التواصل فهي تساعدني (وفق قواعد علم النفس والاجتماع) على فهم أكثر للواقع الاجتماعي العربي بمجمله وباختلاف مشاربهم.
بالتأكيد ليس هناك جديد فهم نفس المجتمع منذ أكثر من 14 قرنا وهذه حقيقة. قد يقول احد، كيف لم يتغير شيء وماذا عن ظهور الراديو والتلفزيون والفضائيات والانترنيت ومواقع التواصل الخ من تغييرات ظاهرية جمة, فكيف لم تؤثر على مجتمعنا العربي!
له الحق في هذا السؤال وهو فعلا سؤال دقيق ومفيد والاجابة سأحاول اختصارها حيث كُتبت فيها مئات الكتب والأبحاث من كبار علماء النفس والاجتماع في العالم.
طريقة ردة فعل الشخصية العربية او تصرفه حيال خبر ما او حدث هي نفسها حتى في زمن داحس والغبراء لأنه يؤمن بنظرية المؤامرة وهي عقدة تصيب فقط العقليات المؤهلة، فما هي العقليات المؤهلة!
فقط يجب ان تكون عقلية تؤمن باله او خالق افتراضي للكون أي تؤمن بما لا ترى وهذا هو ما يفرق نظرية المؤامرة عن الحقيقة، فنظرية المؤامرة مبنية للمجهول أي جزء مهم واساسي منها غير موجود فعليا انما ظني بحت.
كذلك يجب ان يكون جاهل سواء في الامر الذي قرأ عنه او جاهل بشكل عام فنراه يحشر انفه فيما لا يعلم عنه شيء سوى تكهنات او ولاءات وراثية.
فينظر العربي الى أي حدث ويحلله وفق مزاجه سواء راء بعينه او سمعه بالراديو او شاهده بالتلفزيون او على منصة في عالم الانترنيت سيان الامر فردة الفعل واحدة لان العقلية نفسها فلم تغذيها لا علوم ولا تطور ولا فلسفة ولا بحث.
العربي لا يتعب نفسه بالبحث ابدا فهذا عند الأغلبية الساحقة يدخل في باب الحرام والحلال نعم في باب الحلال والحرام لذلك مثلا نرى حملات المقاطعة ضد منتجات الغير تشتد في وقت ما ثم تختفي ولا يسال نفسه لما اطبقها اليوم ثم انساها غدا والحال نفسه فالشركة والمنتج وسياسة هذه الشركة هي نفسها لم تتغير!
الشجاعة والعربي صنوان لا يلتقيان فكل حروب العرب مثلا ضد إسرائيل انتهت بهزيمة نكراء ومن يعتقد حرب تشرين في عام 1973 هي انتصار فهو يعتقد هذا بناءا على كتب المدرسة التي كتبها مولاي السلطان وليس لأنه عسكري وفاهم او باحث حيادي وكذلك لا يعني ان إسرائيل انتصرت فيها رغم ان إسرائيل بعدها خرجت اقوى ومازالت موجودة لكن مصر التي تحتفل بها ليومنا هذا قد جعلت السادات يهرع الى تل ابيب طلبا للصلح ودفنت مصر بديون لن تخرج منها الى ابد الابدين ولا ننسى ان تلك الحرب انتهت بهدنة وليس بتحقيق هدف الطرف المهاجم على الاطلاق.
فنرى المعلقين او المتفاعلين الذين يتكلمون العربية على الاخبار والاحداث يخوضون كخوض الابله في الفلسفة فلا هو يدري انه ابله ولا يدري ماهي الفلسفة أصلا فهو يعتقد ان كل شيء مكتوب هو يعنيه.
تشير الاحصائيات المتكررة لشعوب المنطقة العربية ان نسب القراءة والاطلاع هي أدنى المستويات في العالم ليس الان بل منذ خمسينيات القرن الماضي للعلم أي ان هناك أكثر من جيل خرج وهو جاهل ومتخلف.
بل حتى ان نوعية القراءة التي وجدت عند العرب اتضح ان اغلبها لكتب التنجيم والطبخ حصرا.
لقد تحدثت مع عدة دور نشر ومنهم أصدقاء لي فوجدت ان نشر كتاب في أفضل الأحوال أي ان الكاتب مشهور جدا فان دور النشر لا تطبع له أكثر من 5 الاف نسخة كطبعة أولى وفي افضل الأحوال قد يعاد طبعه أيضا بـ 3 الاف نسخة فقط وهذا الموضوع يكون على مدى اكثر من 5 سنوات باقل تقدير.
اما موضوع طريقة ونوعية التفاعل على الاخبار التي لا تتماشى مع جهلهم فحدث ولا حرج لكن كلها تنضم تحت لواء الشتم والسب ونسف الاخر وهذه بحد ذاتها تكشف أمور نفسية: فالجاهل اذا ما اردت إخراجه من منطقة الراحة comfort zone فانه سيرفض الخروج لا اراديا حيث سيسيره جهلة ويقنعه بالبقاء في منطقته هذا لإنه لبث فيها طويلا بسبب الجهل وعدم البحث والتفكير فاصبح العقل مدمنا عليها ولن يضحي بها فهو ليس لديه أي حجة مبنية على حقيقة كي يفند ما يقرأ.
هذه الامة مازالت تعتقد وبإصرار غريب انها ستنتصر وتقود العالم!
تحيتي
Comments