top of page
صورة الكاتبرياض بـدر

ماذا لو كان ستيفن بادوك جزار لاس فيغاس مسلما؟


توماس فريدمان

 

يصرخ المخضرم فريدمان " كلا كلا كلا " عاليا بوجه تداعيات مجزرة لاس فيغاس وموقف الرئيس الأمريكي منها بل والاعلام بشكل عام. لم يقول شيئا فريدمان سوى ما نتداوله جميعا في مقارنتنا بين مواقف حلف الناتو للفعل ذاته أن صدر من جهتين مختلفتين أحدهما ضعيفة وأخرى قوية. فكوريا الشمالية مسحت بكرامة أمريكا والناتو وهيبتهم مسحا وألقت بها في أقذر مكب للنفايات التاريخية دون ان يستطع او حتى يفكر الناتو بأدنى رد فعل كما يفعل سابقا، والان يفضح فريدمان الموقف الأمريكي في مقالته الأسبوعية التي يتابعها الملايين من على صحيفة نيويورك تايمز. المقالة جديرة بان تكون حجر زاوية لتقييم سياسة ازدواجية التعامل التي فضحت الولايات المتحدة الامريكية والناتو على مر العصور لا سيما في العقد الأخير وبانت واضحة ان القوة العظمى هذه دخلت مرحلة الشيخوخة وهو ما كان يعد له علماء الاقتصاد والاجتماع الأمريكيين أنفسهم الذين يحاولون أن تبقى عظمى ولو لنصف القرن الحالي بعد ان قالت الدراسات والابحاث كلمتها منذ ثمانينات القرن الماضي بانها لن تستمر عظمى لأكثر من الربع الأول من القرن الواحد والعشرين.

 

عن موقع هاف بوست عربي نشر الكاتب والصحفي الأمريكي توماس فريدمان، مقالاً مريراً في نيويورك تايمز يقارن فيه بين السيناريوهات التي كانت ستحصل لو أن منفذ هجوم لاس فيغاس؛ ستيفن بادوك، كان مسلماً، بالمقارنة مع تعامل ترامب الآن مع الهجوم لأنه لم يثبت إن له روابط بالإسلام.

وبدأ فريدمان مقاله: ماذا لو كان ستيفن بادوك مسلماً، ماذا لو صاح: "الله أكبر" قبل إطلاق النار على جميع هؤلاء الجماهير في الحفل، ماذا لو كان عضواً في تنظيم الدولة (داعش)، ماذا لو ظهر في إحدى الصور حاملاً المصحف في يدٍ وبندقيته شبه الآلية في الأخرى؟

فلو كان كل ذلك قد حدث، لكان سيُطلب منَّا تكريم الضحايا و"تسييس" حادث القتل الجماعي الذي ارتكبه بادوك بالحديث عن التدابير الوقائية.

كلا، كلا. نعلم حينئذٍ ما سنفعله: سنضع جدولٍ بجلسات استماعٍ فورية في الكونغرس حول أسوأ حادث إرهابي محلي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وبعد ذلك، سيغرُّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كل ساعة قائلاً: "لقد قلت لكم ذلك"، كما يفعل بعد دقائق من كل هجومٍ إرهابي في أوروبا، لتسييس هذا الأحداث فوراً على وجه التحديد. ثم ستظهر مطالباتٌ فورية بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة القوانين الجديدة التي نحتاج إلى وضعها لضمان عدم حدوث ذلك مرةً أخرى. ثم "سنفكر في جميع الخيارات" المعادية لبلد منشأ المتهم.

وأضاف متحدثاً عن السيناريو الآخر: ماذا لو كانت بلد منشأ المتهم هو الولايات المتحدة؟

وماذا يحدث حين يكون القاتل ليس سوى أميركي مضطرب، ومُسلَّح إلى أقصى درجةٍ ممكنة بأسلحةٍ من طراز عسكري اشتراها بطريقةٍ قانونية أو حصل عليها بسهولةٍ بسببنا وبسبب قوانيننا المجنونة المتراخية الخاصة بحيازة الأسلحة؟

نعلم حينئذٍ ما يحدث: يبذل ترامب والحزب الجمهوري قصارى جهدهما لضمان عدم حدوث أي شيء. ثم يصران على وجوب عدم "تسييس" هذا الحادث، على عكس كل هجومٍ إرهابي مرتبط بتنظيم داعش، بمطالبة كل شخصٍ، ولا سيما نفسيهما، بالنظر في المرآة وإعادة التفكير في معارضتهما قوانين حيازة الأسلحة المنطقية.

حسناً، دعونا نستعرض ما سيحدث: سنقلب العالم رأساً على عقب لملاحقة آخر مقاتل تابع لتنظيم داعش في سوريا، وننشر قاذفات قنابل من طراز بي 52، بالإضافة إلى صواريخ كروز، وطائرات من طراز إف 15 وإف 22 وإف 35 ويو 2. وسنطالب أفضل الشباب والشابات لدينا بتقديم التضحية القصوى بقتل كل إرهابي متبقٍ أو القبض عليه. ولكن كم عدد الأميركيين الذين قُتِلوا على يد تنظيم داعش في الشرق الأوسط؟ لقد نسيت. هل هو 15 أم 20؟ ولا يتوقف رئيسنا ترامب أبداً عن إخبارنا بأنَّه حين يتعلق الأمر بتنظيم داعش، فإنَّ الهزيمة ليست خياراً، ولا مكان للرحمة، وإنَّه شخصٌ صارم جداً لدرجة أنَّه عيَّن وزير دفاعٍ يُلقَّب بـ"الكلب المسعور".

ولكن في نزاعه مع الاتحاد القومي الأميركي للأسلحة، والذي منع، أكثر من أي جماعةٍ أخرى، فَرض قوانين منطقية للتحكم في حيازة الأسلحة، فإنَّ الانتصار ليس خياراً، ولا مكان للاعتدال، ولا توجد لدى ترامب ولا الحزب الجمهوري كلاب مسعورة، وكل ما لديهم مجرد قطط وديعة.

ولن يُطالبوا أنفسهم بتقديم ولو أقل تضحية، خوفاً من إمكانية تهديد مقاعدهم في الكونغرس، لدعم التشريعات التي قد تُصعِّب قليلاً على أي أميركي تخزين ترسانة أسلحةٍ كما فعل بادوك، إذ كانت تضم 42 بندقية، وبعضها بنادق هجومية، وعُثِر على 23 بندقية منها في غرفته الفندقية، و19 بندقية في منزله، فضلاً عن آلاف السلاسل من الذخيرة، وبعض "الأجهزة الإلكترونية". أعتقد أنَّنا أمام "صائد غزلان" آخر.

حين يتعلق الأمر بسحق داعش، نجد الرئيس وحزبه متحمسين للمشاركة. وعندما تطالب الاتحاد القومي للأسلحة بالاعتدال، لا نجد أي ردود فعل من جانبهم. بغض النظر عن عدد الضحايا الأبرياء - وبغض النظر أيضاً عن إصابة أحد زعماء الكونغرس لديهم في أثناء ممارسة لعبة البيسبول - فإن الوقت ليس مناسباً على الإطلاق لمناقشة اتخاذ أي تدابير جادة للتخفيف من حدة استخدام الأسلحة في ممارسة العنف.

في أعقاب أعاصير الشهر الماضي غير المسبوقة بمنطقة الأطلنطي- التي أدت إلى خسائر تجاوزت 200 مليار دولار في مدينتي هيوستون وبورتو ريكو، ناهيك عن المدن الصغيرة الأخرى- أخبرنا سكوت بروت، رئيس وكالة حماية البيئة بإدارة ترامب، أن الوقت غير مناسب أيضاً لمناقشة "أسباب وعواقب" هذه العواصف العملاقة وكيفية الحد من حجم خسائرها. وقال إننا نحتاج إلى التركيز على مساعدة الضحايا. ويرى بروت كما نعلم جميعاً أن الوقت غير ملائم لتناول قضية تغير المناخ بجدية.

إن مواجهة تنظيم داعش في الخارج دون محاولة التخفيف من حدة التهديدات والمخاطر الأخرى التي تواجهنا في الداخل والتي تهدد الباحات الخلفية لمنازلنا، مسارحنا ومدننا الساحلية، إنها ضربٌ من الجنون.

كما إنه الفساد أيضاً. وذلك لأن المال والجشع هما ما يمنعاننا من مثل هذه المحاولة، جشع صانعي وبائعي الأسلحة وشركات النفط والفحم وجميع المشرِّعين وواضعي القوانين الذين تقوم شركات الأسلحة بشرائهم لكي يبقوا صامتين إزاء ما يحدث. إنهم يعرفون جيداً أن معظم الأميركيين لا يريدون سلب الناس حقهم في الصيد والدفاع عن أنفسهم. كل ما نريد سلبه هو حق الفرد في جمع وحشد ترسانة عسكرية بمنزله وفي غرفته بالفندق واستخدامها ضد الأميركيين الأبرياء حينما يثور غاضباً، لكن الجمعية الوطنية للأسلحة تحكم قبضتها على هؤلاء المشرعين الجبناء.

وشرح ما الذي ينبغي أن فعله

قائلا: انس أمر إقناع هؤلاء المشرعين. فهم ليسوا مشوَّشين أو قليلي الاطلاع. فإما أن يكونوا قد تم شراؤهم أو ترويعهم، وذلك لأنه لا يوجد مشرِّع أميركي محترم يمكنه أن ينظر إلى واقعتي لاس فيغاس وبورتو ريكو اليوم ويقول "أعتقد أنه أفضل ما ينبغي أن نفعله لأبنائنا في مثل هذه الأمور هو أن نقف صامتين مكتوفي الأيدي دون أن نفعل شيئاً".

ومن ثم، فإن هناك حل وحيد، وهو اكتساب السلطة. فإذا كنت قد شعرت بالضجر مثلي، فلتقم بالتصويت لصالح شخص ما أو ترشح نفسك في الانتخابات أو توفر المال لشخص مرشح كي يحل محل هؤلاء الجبناء من واضعي القوانين من أجل إقرار قوانين مناسبة تتعلق بحيازة السلاح. فالأمر يتعلق بالقوة وليس الإقناع. وتتمثل الفرصة الأولى لتغيير ميزان القوى في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018. وتغاضى عن محاولة تحقيق أي شيء قبل ذلك الموعد. فلا تضيع وقتك ومجهودك.

٠ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page