عندما وقع السادات في شهر أيلول/سبتمبر عام ١٩٧٨ اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل كان المُعلن والمفترض والمُرتجى أنها تأتي بالسلام للمنطقة لاسيما بين مصر التي كانت تقود العالم العربي قوميا وعسكريا بطريقة ايديولوجية رغم وضعها الاقتصادي الصعب وهي أيضا من دول المواجهة, وبين إسرائيل لتضع بداية السلام الشامل.
أكذا يجازى بالعقاب سماح ! أرسل الغرب بمباركة إسرائيل للمنطقة بعد اتفاقية كامب ديفيد بستة اشهر تقريبا وفي شباط\فبراير ١٩٧٩ الخميني الدجال في أشهر انقلاب دموي مدبر في القرن العشرين ضد محمد رضا بهلوي شاه إيران الذي كان حليف الغرب القوي لعقود طويلة ليبدأ مسلسل الرعب الجديد في المنطقة والذي لم ينتهي ليومنا هذا, فقط لأن الشاه بدأ يتقرب من العرب حينها خصوصا مع العراق رغم علاقته الدبلوماسية والعسكرية الرسمية مع إسرائيل والتي كانت إيران تعترف بها كدولة منذ قيامها عام ١٩٤٨ ولغاية سقوط الشاه فضحت إسرائيل بالبلد الوحيد والقوي في الشرق الأوسط الذي يعترف بها آنذاك لقاء مصالحها ودرء مخاوفها من مستقبل يكون فيه الشاه صديقا وليس بعبعا للعرب كما بدأ يعمل فعليا لا سيما بعد توقيعه اشهر اتفاقية بين العراق وإيران وهي اتفاقية الجزائر عام ١٩٧٥ التي وقعها مع العراق والتي تم فيها القضاء على الجيب العميل في شمال العراق حيث كان هذا الجيب العميل يعمل اصلا ليس لمصلحة الشاه ( رغم ان الاكراد كانوا ومازالوا منبوذين في إيران) فحسب بل لاسرائيل بالدرجة الاساس قبل ان يعيد الكرة هذا الجيب العميل عمله عام ١٩٨٠ وليومنا هذا.
قبل أيام وقعت دولة الإمارات التي ليس لها حدود مع اسرائيل ولا حتى قريبة ولم تدخل حتى معركة كلامية ضد اسرائيل بل لم تنفق دولارا واحدا في معركة عربية ضد اسرائيل ناهيك عن سجلها المريب والطويل في المؤامرات ضد العرب (هذا السجل أهلها لتكون الدولة التي اختيرت لتكون الشرخ الجديد)، وقعت اتفاقية تطبيع و تطبيل مع اسرائيل ظنا أنها ستجلب الخير لهم رغم انهم ليسوا في حرب لا مع إيران ولا إسرائيل ولا تشكل إيران تهديدا لهم.
الإمارات دولة يشكل المواطنين فيها من اصول ايرانية غالبية عظمى والاقتصاد برمته بيد ذوي الاصول الايرانية هذه و متغلغلين في المناصب الرسمية بشكل قوي ( رغم عزل بعض القيادات عام ٢٠٠٦ بسبب أصولها الايرانية مثل مدير مديرية الادلة الجنائية والتحريات عبدالعزيز البنا وايضا مدير بلدية دبي حينها قاسم سلطان) بل ان حتى المدعو قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الحالي هو من اصل إيراني!
اثابهم مجلس الأمن الدولي لهذا التطبيع بعدها بساعات فقط برفض مشروع قرار تمديد حظر بيع الاسلحة لايران منذ ٢٠١٠ بل القرار كان حتى دون استعمال الفيتو من قبل روسيا والصين اللتان هددتا به انما فقط صوتوا ضد مشروع قرار تمديد الحظر الذي تقدمت به الولايات المتحدة وايدته جمهورية الدومينيكان فقط وامتناع دول مثل تونس عن التصويت بالإضافة الى امتناع ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا عن التصويت ففشل تمرير القرار نهائيا.
الغرب لا يأمن للعرب ولو أبصم العرب العشرة أصابع فكيف يأمن لهم بمجرد معاهدة مكتوبة على ورق و (شوية) تصفيق من لكيع بن لكيع الإعلامي!
اسرائيل لا ولن تثق بالعرب والمسلمين ومن ناحية أخرى اسرائيل لا تبكي ولا تخطط لزيادة المعترفين بها فهذا يضرها لا ينفعها, لكن لها مآرب أخرى أبعد من ذلك وياويل مَن لا يفقه عِلم المآرب السياسية المبطنة!
إسرائيل لن تثق باوراق مطبوعة بحبر رخيص واعلام بل أبواق هي خلقتها كي تزيل نظام دعمها منذ سنين لزعزعة المنطقة على الأقل في الخمس سنوات القادمة مالم يتم بروز بديل قبل هذا.
لولا نظام الخميني لما بقيت اسرائيل ايام في المنطقة بعد عام ١٩٨٠.
الإمارات دولة تتمتع بعلاقات جيدة جدا مع نظام الملالي في طهران بل وتدعمه بشكل كبير لاسيما هذه الأيام فهناك جسر جوي لتقديم مساعدات لإيران في مواجهة وباء كورونا ولم تقم الإمارات ابداً بقطع علاقتها مع إيران عندما تعرضت دول عربية عدة خصوصا السعودية لهجمات ارهابية مباشرة من قبل ايران بالرغم من ان السعودية تقطع علاقتها مع إيران.
الإمارات تظن ظن الغريق ان اسرائيل منقذ لها خصوصا بعد الانهيار الاقتصادي الذي أصاب اقتصادها مؤخرا بسبب جائحة كورونا الذي ما زالت تغلق الإمارات بحجته السفر خشية هروب أعداد هائلة من العاملين في الإمارات إلى خارج الإمارات الأمر الذي سيعجل بالفضيحة, هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى المشاكل المتفاقمة بينها وبين السعودية حيث أن ولي العهد محمد بن سلمان علاقته متوترة جدا مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد ووصلت لدرجة الاشتباك بالاسلحة في اليمن وحملات إعلامية في مواقع التواصل السنة الماضية بعد دخول سلع منتهية الصلاحية تسبب في تسمم أشخاص في المملكة العربية السعودية كان مصدرها الإمارات.
فاصبحت هذه الدولة على شفا حفرة بل في طريقها الى الهاوية فاستنجدت باسرائيل ظنا انها المنقذ فاصبحت كالمستجير بالرمضاء من النار ومازالت السعودية والجامعة العربية لم تصدر أي بيان دعم حول الاتفاق الاسرائيلي الاماراتي المسمى اتفاق ابراهام وهذه مسالة حساسة طبعا وقد تنم عن مشكلة قادمة لأنها تعتبر ضربة لمجلس التعاون الخليجي الذي يلفظ انفاسه الاخيرة منذ ضرب الحصار على قطر وضربة للمبادرة العربية التي قدمتها السعودية عام ٢٠٠٦ والتي اتفق عليها العرب كأساس للتطبيع مع إسرائيل.
هل ثبت تاريخيا ان دولة عربية أقامت الصلح والاتفاق مع اسرائيل فأمست بأفضل حال من قبل الاتفاق؟ تحيتي
Comments