جناح نيويورك يضرب بشدة ويقتلع اخر عمود استند عليه ترمب منذ حملته الانتخابية ولغاية منحه منصب كبير المخططين في البيت الأبيض الذي أثار لغطا كبيرا، ستيف بانون اليميني المتطرف الذي لم يخفي معاداته للسامية حتى واي عرق غير ابيض كان يسير عكس التيار الرسمي فقد ظن ان ترمب عنصريا كبيرا فبنى على هذا الكثير فتبين أن ظنه لم يكن في محله. فمن الواضح أن كوشنر و ايفانكا لم يستطيعوا نسيان تأثيره السيء على ترمب لا سيما في موضوع منع السفر الذي أثار موجة غضب عارمة في أمريكا والعالم لم يسبق لها مثيل فألقى جناح نيويورك باللوم على بانون وأتباعه فكان لزاما أن يرحل فالقادم في السياسة الأمريكية لا يتسع لمخيلة البانونين الذين يريدون لأمريكا الانكماش على نفسها وهو الأمر الذي يرفضه لوبي المال المتحكم الان بالبيت الأبيض.
عن موقع هاف بوست عربي يُعد خبر استبعاد كبير المخططين الاستراتيجيين للبيت الأبيض من منصبه مؤخراً بمثابة مذبحة في الجناح الغربي سيبتهج بها الأميركيون وشعوب العالم الذين يرونه تجسيداً لشعوبية ترامب السوداء الخطيرة.
طفى ذلك الغليان على السطح خلال أحداث العنف التي اندلعت السبت الماضي في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، عندما أخفق ترامب في إدانة أفراد جماعات النازيين الجدد، والكو كلوكس كلان الذين تجمعوا في هذه المدينة احتجاجاً على إزالة أحد النصب التاريخية للكونفدرالية، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.
يشير رحيل بانون أيضاً إلى مراكز القوى الثلاث التي نصبها ترامب مباشرةً بعد فوزه غير المتوقع في الانتخابات التي أُجريت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ بقي من هذه المراكز مركزٌ واحدٌ فقط. فمن الواضح أن ابنته إيفانكا، وصهره جاريد كوشنر (مجموعة نيويورك) أصبح لهما اليد العليا. لكنهم مازال عليهم التعامل مع تقلبات ترامب.
بعد مرور 7 أشهر، يغادر بانون منصبه مخلفاً وراءه وصمة عار في البيت الأبيض لا يمكن نسيانها. إذ اتُّهم بتشجيع معاداة السامية والعنصرية وكراهية الأجانب. كما شن حرباً على ما يطلق عليهم النخبة الليبرالية، التي تتضمن إعلاميين اتهمهم بانتمائهم للجانب المُعارض. وقد تلقت الغارديان تلميحه ذات مرة عندما قال: "عليك بقراءة الغارديان إذا كنت تريد أن تعرف فيم يفكرون".
احتجاجات منذ التعيين
أدى تعيين بانون في منصب كبير المخططين الاستراتيجيين إلى احتجاجات واسعة، ومنافسة فورية بينه وبين رينس بريبوس، كبير موظفي البيت الأبيض آنذاك، وأحد أقطاب الحزب الجمهوري، الذي تفاجأ بانتخاب ترامب. كان من المتوقع حدوث نزاع كبير بينهما، إلا أن كلاهما لا يتمتعان بالخبرة السياسية المناسبة وقد شكلا تحالفاً للمصالح المتبادلة، ظهر جلياً خلال ظهورهما معاً في مؤتمر المحافظين الذي أُقيم في فبراير/شباط الماضي. إلا أن نظرة الضعف والعجز التي كان يُنظر بها إلى بريبوس خلال الشهر الماضي، تغيرت تماماً.
لكن يظل هناك مركزٌ للقوة يجب التعامل معه، هما إيفانكا وكوشنر، الذي يشغل كل منهما مناصب في البيت الأبيض. وهما من ضمن الكثيرين من منطقة نيويورك الذين انضموا إلى ترامب في استعمار واشنطن.
ربما تمكّن حلف نيويورك داخل البيت الأبيض من التخلص من أنتوني سكاراموتشي، مدير الاتصالات في البيت الأبيض، وأحد سكان لونج أيلاند، والمعروف باسم "المتسكع"، والذي كان يعمل لدى شركة Goldman Sachs، واستمر في عمله داخل البيت الأبيض لمدة 10 أيام فقط، بعد إلقاء بريبوس وبانون اللوم عليه في تسريب إحدى المقابلات.
بشكل عام، شكل موظفو نيويورك داخل البيت الأبيض جناحاً عالمياً لشركة Goldman Sachs يعطي الأفضلية للصفقات التجارية الدولية، ويعارض بشراسة الجناح "القومي الشعبوي" الذي شكله بانون، وستيفن ميلر، وسبستيان جورك، الذين رفعوا شعار "أميركا أولاً". وتأتي معارضة بانون الشرسة لجناح العولمة، رغم عمله في وقت سابق لصالح شركة Goldman Sachs نفسها.
بحلول أبريل/نيسان، اتضح أن كوشنر وبانون على خلاف كبير. فلم يكن بينهما توافق شخصي، ولا تشارك في الأيديولوجية. وقد نقلت صحيفة "ديلي بيست" عن مسؤول في الإدارة الأميركية قوله إن بانون قد اشتكى من كوشنر، في محاولة للتخلص منه. بينما أشار بانون أيضاً إلى كوشنر قائلاً إنه "عولمي"، وديمقراطي التوجه، و"cuck"، وهي إهانة يمينية تعني متخاذل.
بانون -الذي يأتي من أصول كاثوليكية كادحة من مدينة نورفولك بولاية فيرجينيا، يعتبر كوشنر من نفس النخبة الساحلية الغنية التي تنتمي إليها هيلاري كلينتون- فقد منصبه في مجلس الأمن القومي. إلا أنه انتقم لذلك من خلال إقناع ترامب بخروج الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، رغم معارضة ابنة الرئيس وصهره.
ووفقاً لتقارير وسائل الاعلام، انضمّت مؤخراً إيفانكا وكوشنر إلى حليف ترامب ومستشاره غير الرسمي روبرت مردوخ في المطالبة بإقالة بانون. كذلك، قد تكون إعادة التنظيم في ظلّ رئيس الهيئة الصارم الجديد جون كيلي، أمراً حاسماً. من المفهوم أن كبير الاستراتيجيين، قد سلّم استقالته قبل أسبوعين، أي قبل الفوضى في شارلوتسفيل، وقبل ردّ ترامب الكارثي.
وعندما وصل خبر سقوطه يوم الجمعة، أُطلقت الهتافات داخل بورصة نيويورك. لقد كان فوزاً واضحاً للعالميين.. ولكن إلى متى؟
يمكن أن يعود بانون الذي يبلغ من العمر 63 عاماً، إلى الدور الذي يستمتع به كمقاتل في حرب العصابات، من أجل القوميّة الاقتصادية. قد ينضمّ مرةً أخرى إلى بريتبارت نيوز، وهو الموقع الذي كان يديره في وقتٍ سابق، والمعروف بسمعته السيّئة ورسائله المشفّرة الموجّهة إلى مجموعةٍ بعينها، والرسائل المضادة للعولمة التي ظهرت بوضوحٍ في خطابات ترامب والإعلانات التجارية. وسبق أن وصف بانون الموقع بفخرٍ بأنّه "منصة لليمين المتطرف" يمكن أن تضغط على قاعدة ترامب.
وهكذا فإن نهاية بانون لا تعني نهاية البانونية. فقد كان في النهاية تأثيراً وليس سبباً، لمواقف الرئيس العرقية والحنين المشوّه لحقبة 1950. هذه المواقف، التي تتجلى في خطاب الرئيس الافتتاحي بعنوان "المذبحة الأميركية"، قبل فترةٍ طويلةٍ من تعيين بانون.
وقال رشاد روبنسون، المدير التنفيذي لـ Color Of Change: "بانون هو البداية فقط. إذا أردنا رحيل أنصار تفوّق العرق الأبيض عن البيت الأبيض، فإن العنصري رقم 1 دونالد ترامب عليه أن يرحل أيضاً".
وأضاف مايكل تايلر، السكرتير الصحفي للجنة الحزب الديمقراطي، يوم الجمعة: "لقد نقص أنصار تفوق البيض واحداً داخل البيت الأبيض، بيد أنّ ذلك لا يغيّر الرجل الذي يجلس خلف المكتب الحاسم".
في الوقت الراهن، قد يحاول المنتصرون إيفانكا وكوشنر وغيرهم من جماعة نيويورك كبح ترامب الحقيقي. ظهر ذلك بوضوحٍ يوم الثلاثاء، عندما ابتعد ترامب عن النص، وصرخ في وجه الصحفيين أن "الجانبين" كانا مسؤولين عن المجزرة في شارلوتسفيل. حينها وقفت كوهن ومنوشين دون حولٍ ولا قوة. وظلت إيفانكا وكوشنر صامتين. إذ يجب أن يكون ترامب دائماً صاحب الكلمة الأخيرة.
Comments