الـ دي إن أيه ضالة علماء البيولوجي والطب بشكل عام فهو الصندوق الأسود الذي يحاولون فك شفراته كي يعلموا ما لم يعلموا من قبل. مراحل كبيرة تم قطعها في هذا المجال لدرجة أن فريق من العلماء أعلنوا الان انهم يستطيعون تسجيل ما يريدون على الحمض النووي الريبي. للاكتشاف ابعاد كبيرة تعطي الامل الواسع لحلول مشاكل كبيرة تصاحب عملية التطور التي يمر بها الجنيس البشري كي يتم تعديلها من جهة أخرى تحسين نوعية الادوية والعلاجات التي تقدم لمعالجة ما تم تخريبه سواء بواسطة الانسان نفسه او التطور الوراثي التلقائي. في الخبر فيديو يوضح بعض تفاصيل الاكتشاف عن طريق علماء.
يُعتقد أن الحمض النووي (DNA) للكائنات الحية هو بيئة مناسبة جداً وواعدة لتخزين البيانات، وذلك إذا أخذنا في الاعتبار قدرة النواة الصغيرة الموجودة بكل خلية من خلاياه على حفظ وتخزين المعلومات الوراثية لكائن مُعقَّد كالإنسان على سبيل المثال.
هذا ما دفع العلماء في السنوات الأخيرة للعمل على تخزين بيانات مختلفة في خلايا الحمض النووي للكائنات الحية عبر أنابيب الاختبار، وقاموا بعدة تجارب لذلك، حتى وصلوا أخيراً لإمكانية تخزين وتشفير صورة متحركة (GIF) داخل الحمض النووي لبكتيريا حية!!
واستخدمت مجموعة من العلماء من جامعة هارفارد تقنية "كريسبر" للتعديل الجيني (CRISPR)، التي تم ابتكارها عام 2012، وهي تقنية حديثة تساعد على تحرير وتعديل أي منطقة من مناطق الجينات أو الحمض النووي بدقة كبيرة جداً وضبط عالٍ، دون أن تُسبب أي ضرر للجينات الأُخرى، بتخزين صورة متحركة مُقتبسة من دراسة تصويرية قام بها المصور البريطاني إدوارد مايبريدج عام 1878، وهي عبارة عن فارس على ظهر حُصان يَجري.
الأهم من ذلك أيضاً أنهم تمكنوا من تشفير واستعادة الصورة المتحركة بدقة عالية جداً، وصلت إلى 90%، وذلك باستخدام التسلسل الجيني للبكتيريا الحية. وقد تم نشر نتائج هذه التجربة في مجلة NATURE العلمية، يوم 12 يوليو/تموز 2017.
عالم الجينات جورج تشرش، وهو أحد مؤلفي هذه الدراسة، قام بتشفير وتخزين كتابه المعروف باسم REGENESIS داخل الحمض النووي للبكتيريا، وقام بنشر 90 بليون نسخة من هذا الكتاب، إذ قال في أحد اللقاءات، إن هذا يعتبر رقماً قياسياً للنشر.
وجدير بالذكر أن الجهود التي تم بذلها بهدف تخزين البيانات المختلفة داخل الحمض النووي (DNA) لم تتوقف منذ سنوات عدة، وذلك بسبب التماسك المذهل الذي يتمتع به الحمض النووي، فضلاً عن مدة صلاحيته الطويلة.
فتخزين البيانات بشكل صحيح قد يؤدي للحفاظ على سلامتها إلى فترة تزيد عن 100 ألف سنة.
ومنذ أشهر قليلة، وتحديداً في شهر مايو/أيار 2017، قالت شركة مايكروسوفت في تقريرٍ لها إنها تُخطط لدمج تخزين بيانات الحمض النووي (DNA) في أحد مراكز البيانات الخاصة بها، وذلك بحلول نهاية هذا العِقد.
وعادةً ما كان يتم هذا الأمر عن طريق ترجمة الوحدات الصغيرة (Bits) التي ترمز للكُتب أو الصور، على شكل متسلسلة داخل الحمض النووي، ومن ثَم تركيبها اصطناعياً.
لكن الآن وبعد استبدال هذه الطريقة بتقنية CRISPR للتعديل الجيني تمكَّن علماء هارفارد من استغلال جينات البكتيريا لتخزين المعلومات والبيانات.
وتُعتبر CRISPR آلية طبيعية للدفاع، تستخدمها البكتيريا لتطوير المناعة ضد الفيروسات الغازية، عن طريق تخزين مقاطع من الحمض النووي للفيروس داخل جينوم البكتيريا، حيث تقوم هذه المقاطع المخزنة في المرة التالية التي يقوم فيها الفيروس بالهجوم، تقوم بتوجيه ما يسمَّى بإنزيم CAS 9 لتدمير الحمض النووي لهذا الفيروس.
وتمت إعادة استخدام نظام CRISPR/Cas9 من قبل العلماء للتعديل على الجينات، وذلك من خلال إعادة ترتيبها وتوزيع مقاطع الـDNA المتسلسلة في مناطق محددة، ما سمح لهم بإزالة جينات موجودة سابقاً، وإضافة جينات جديدة بدلاً منها.
في هذه الدراسة الجديدة لم يستخدم العلماء البروتين Cas1 وCas2، وهما المسؤولان عن إدخال الحمض النووي الفيروسي إلى جينوم البكتيريا.
إذ يقول سيث شيبمان، الباحث في علوم الأعصاب في جامعة هارفارد، والمشارك في هذه الدراسة لشبكة The Verge الأميركية المختصّة بأخبار التكنولوجيا ووسائل الإعلام: "وجدنا أنه لو تمكَّنا من جعل التسلسلات الجينية التي نصنعها مشابهة للتسلسلات التي يلتقطها في العادة النظام النووي البكتيري من الفيروسات؛ سوف نتمكن من تخزين البيانات مستقبلاً بشكل أكثر فاعلية".
ويمكننا القول إن كمية البيانات التي يمكننا تخزينها في الخلايا الحية غير الصناعية أقل بكثير من الكمية التي يمكننا تخزينها حالياً في أدوات التخزين الصناعية، ففي العام المنصرم قام علماء من شركة مايكروسوفت وجامعة واشنطن بتخزين 200 ميغابايت من البيانات في مقطع DNA أصغر من رأس القلم الرصاص.
علاوةً على ذلك، وكما أشارت صحيفة The New York Times الأميركية " في تقرير لها، فإن هذا الأمر يمكننا مستقبلاً من عمل "صناديق سوداء" لخلايا جسم الإنسان، إذ يتم استخدام البكتيريا في تسجيل نشاط الخلايا عبر الزمن. وعندما يتعرض شخص للإصابة بأحد الأمراض سيتمكن الأطباء من استخراج البكتيريا وإعادة ترتيب الحمض النووي لها، لاسترجاع نشاط الخلايا مرة أخرى.
كما يمكن لهذا الأمر أيضاً أن يكون مفيداً لعلماء الأحياء الصناعية، الذين يقومون بالفعل باستخدام الدوائر الجينية لتكوين أجهزة كمبيوتر دقيقة داخل الخلايا، التي تعمل على تنفيذ بعض العمليات الحسابية المنطقية عن طريق شكل من أشكال الذاكرة التخزينية.
Comments