نظام الملالي لم يرد عندما اغتالت إسرائيل اسماعيل هنية في عقر دارها وفضلت التهديد الاجوف على الفعل لكنها ردت عندما قتل حسن نصر الله رغم انه كان ردا شكليا كالعادة خشية الـ (هطرة) الاسرائيلية المعروفة بعدم الرحمة وذلك كي يحافظ نظام الملالي على قواعد الاشتباك مع إسرائيل لضمان استمراره رغم انه فعليا بدأ يحس ان صلاحيته قد شارفت على النفاذ فمعالم عالم الغد (لا سيما في شرق أوسط إسرائيل فيه هي الأقوى ليس عسكريا فحسب بل علميا) لا وجود فيه لعقليات العصور الوسطى.
من سرعة الرد الايراني نستطيع وبسهولة ان نستشف مكانة وقيمة حسن نصر الله (لم يثبت طيلة حياته ان حماية لبنان كانت أولوياته إلا بالشعارات فقط بالإضافة الى اصوله الايرانية) لدى نظام الملالي وتبعيته المطلقة لهم مقارنة مع مكانة وقيمة الفلسطيني اسماعيل هنية رغم ان الاخير قتل بطريقة اعقد واذكى وأصعب في عقر دار نظام الملالي فلم يهمهم لا الفلسطيني ولا قضية فلسطين حتى فمنذ متى يهم المجوسي سوى ود اليهودي وهذا ما يخبرنا به التاريخ منذ الاف السنين!
نظام الملالي نظام خرتيتي يعتاش على قرار غربي قديم بإدامته قد يكون لم يصدر بعد قرار بإزالته لغاية اتمام تحضيرات كثيرة في الشرق الاوسط لا سيما منطقة شبه الجزيرة العربية بقيادة السعودية (الجزء الاغنى بالوقود في العالم والمنطقة حصرا) بالإضافة الى دول أخرى ثانوية حيث يتم تثبيت صفقة القرن حيث تتطلب بعض الوقت لإحداث تغييرات مجتمعية وقانونية لضمان تقبلها شعبيا وإزالة رواسب قديمة ثم سيتم تسليم نظام الملالي الى مزبلة التاريخ (التحضيرات بدأت فعلا إذا ما قارنا وضعه النظام اليوم بما كان عليه قبل 10 سنوات) مقابل السلام العربي مع إسرائيل والقبول بها كدولة تعيش وسط العرب رغم انه سيناريو وردي أكثر مما هو حقيقي لكن حقيقة الصفقة انها جارية بالفعل لكن شكلها الأخير قد لا يكون واضحا جدا الان.
حقائق الوضع الحالي
أصبح الان الاشتباك إسرائيلي - ايراني مباشرة ولم يعد عربي - إيراني كما هو الحال منذ سبعينيات القرن الماضي ولغاية 7 تشرين الاول / اكتوبر 2023 وهذه حقيقة وهنا بدأ نظام الملالي يستوعب الفخ الذي دخله مرغما لاسيما ان مواجهة إسرائيل يعني مواجهة الولايات المتحدة وحلف الناتو برمته بل جميع الدول المتقدمة بلا استثناء اي انه دخل نفس النفق الذي أدخل فيه نظام صدام حسين الذي كان نهايته سقوط النظام وتدمير العراق تماما.
نظام الملالي يحتضر فعليا منذ ثورة 2010 الإيرانية التي قمعتها إدارة أوباما لذا يجب ان نعي انه أصبح عجوزا جدا لا يستطيع ان يسيطر على ارضه حتى وهذا لن يكون مرضيا للغرب حيث ان الغرب لا يتخذون من الضعفاء حلفاء او حتى عملاء كما كان النظام في الثمانينيات وحتى بداية الالفية فهم يريدون عميل او حليف قوي وذا شعبية قوية كي تُسند له مهام السيطرة على المنطقة ولا تتوفر هذه الخاصية الان إلا في إسرائيل لعدة عقود قادمة على الأقل (باستعراض مراكز القوة سنرى كيف الغرب يتعامل ويدعم فقط القوي وليس لاي حسابات أخرى مكان في موقف الغرب).
اسرائيل بدأت تثبت سطوتها الان من خلال قوتها الضاربة في عدة جبهات في وقت واحد دون خطأ وهزيمة بالإضافة الى انها الحليف المعتمد لدى الغرب وليس حليف يرجوا المساعدة فحسب وهذه إشكالية جدا دقيقة في حسابات الغرب فالمنطقة تعرضت للاختراق من قبل الصين (قد تكون مدعومة معنويا من روسيا) ولا اعتقد ان الغرب سيستسلم لهذا الواقع القاتل وفق المعطيات التي تحدث الان لاسيما وأننا نرى الذهول الروسي والصيني مما يجري في حرب غزة وتداعياتها المبرمجة مسبقا وعدم قدرتهم على التدخل او حتى منع الامور من التطور ضد مصالحهم لا سيما المصالح الصينية (فعليا اخذت الصين وروسيا على حين غرة في احداث 7 أكتوبر وما تلاها لليوم) فهي دولة, أي الصين تعتاش على التصنيع حصرا والتصنيع لا يزدهر ولا يؤتي أُكله إلا بتصدير المنتج وتصدير المنتج لا يكون الى لا جهة انما الى سوق محددة وسهلة الوصول وهذه السوق تقع في نهاية طريق محدد فكيف اذا الصين فقدت السيطرة على الطريق !
لقد ذكرت في مقالات سابقة قديمة بان الروس لن يشتروا نعجة نافقة واقصد بها نظام الملالي في إيران لعلمهم ان هذا النظام اولا واخيرا تم خلقه من قبل الغرب ولن يكون حليفا مخلصا طويل العمر للروس او الصينين وان بدا هذا للكثير من عامة المحللين والمراقبين (يغلب على موقفهم التحليل العاطفي او الكلاسيكي) لكن اعتماده كحليف استراتيجي من قبل الصينيين والروس فلم ولن يكون.
الصين تريد ان تحافظ على بوابة الشرق العراقية لضمان آمن طريق الحرير او كما تسميه مبادرة الحزام والطريق الذي يهمها جدا لكن يبدوا ان هذه البوابة تهدمت بالفعل لكن مؤجل موعد اعلان زوالها تماما (قد يكون لغاية عام 2035 او قبلها بقليل) ريثما تبدأ خطة النعمة The Blessing plan كما اسماها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في كلمته مؤخرا في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتجتاز المرحلة الأولى على الاقل والتي اشار فيها بوضوح الى ان هناك خطتين اولهما خطة اللعنة The Curse plan وحددها بسوريا والعراق وإيران على التوالي وخطة النعمة وهي الطريق الذي سيمر عبر السعودية مرورا بالأردن واسرائيل وصولا الى البحر المتوسط واضعا ذلك تحت خريطة اطلقها عليها اسم الشرق الأوسط الجديد The New Middle East .
ثم وصولا الى .... موانئ الاتحاد الاوروبي كذلك الولايات المتحدة ولننتبه الى مواقع هذه الموانئ جيدا وما تشكله من أهمية للغرب فهي مسالة بقاء او فناء.
هذا هو أحد اسرار سبب غزو العراق وقد يكون الأوحد ثم تمزيق سوريا وليبيا حيث كان يجب إزالة هذه الانظمة بل الدول وشعوبها لزراعة نظام جديد ليس بالضرورة نظام حكم او دولة انما تحويلها لصحراء جرداء تمر عبرها خطة النعمة وما شعوبها الا مخلوقات جار تحويلهم الى عبيد لحمل البضائع عبر هذا الطريق مقابل كسرة الخبز التي سترمى اليهم بمسميات إعلامية مثل مشاريع بنى تحتية واستثمارات في مصانع ملوثة للبيئة بشكل خطر تقوم بتحويل الموارد المالية المتأتية من هذه الاستثمارات بالكامل الى خارج المنطقة, ثم ان هذه الدول أي التي في الطريق توفر الوقود الرخيص وهو عنصر أساس في حسابات الكلفة ولا ننسى ان الغرب يعي جيدا ان كسب الحرب ضد الشرق أي الصين وروسيا هو خزان الوقد كما حدث بالفعل اثناء الحرب العالمية الثانية فقد خسر هتلر الحرب جراء خسارته خزان الوقود اللازم لمواصلة الحرب ثم إحراز النصر وليس بفعل أي امر اخر.
صرخ هتلر في أحد اجتماعاته مع قادته ومستشاريه اثناء الحرب العالمية الثانية " انا اريد عسكريين يفكرون كاقتصاديين لا كمحاربين ".
تحيتي
Kommentare