يوم بعد يوم تتجلى بوضوح التداعيات للفخ الذي دخلهُ بشهية النظام الايراني ألا وهو الاتفاق النووي الذي طبل له الملالي كانتصار لكن الايام والوقائع اثبتت عكس ذلك بما لا يقبل الشك. علي شامخاني رئيس الامن القومي الايراني في اخر تصريح له في مقابلة تلفزيونية على قناة ام بي سي نيوز امريكية حيث قال "ان التوقيع على الاتفاق النووي كان خطأ كبيرا وما كان يجب التوقيع عليه".
هذا يعكس الحالة السياسية المتردية التي وصل اليها النظام الايراني رغم انه استفاد من التوقيع من رفع لحجز اموال ضخمة تابعة له بلغت أكثر من 250 مليار دولار وصفقات معينة المفترض انه استفاد منها ماديا لكن يبدو ان هذه كلها لم تكن كافية فعلا.
لقد كتبتُ في عدة مناسبات وفي مقالات ما بعد توقيع الاتفاق مباشرة ان الاتفاق هو حبل المشنقة الذي التف حول رقبة النظام الايراني فهذه المبالغ تم سحبها مرة ثانية مباشرة بعد التوقيع بصفقات اوهمت الملالي بأنهم باتوا مرحبا بهم للحضيرة الدولية مثل بيع طائرات ايرباص وبوينك لهم والتي لم تتم رغم دفع إيران مبالغ مقدمة لهذا العقد وانشاء استثمارات نفطية والتي ايضا لم تُستكمل ابدا ودفع النظام المبالغ الضخمة لبداية هذه المشاريع بالإضافة الى نفقاته الداخلية المتصاعدة والمتاخرة ونفقاته على المليشيات الارهابية التي يدعمها النظام خارج إيران في الدول المجاورة.
واضاف شامخاني انه لن يقوم النظام بالتفاوض او التوقيع مستقبلا على اي اتفاق مع القوى الغربية وهذه اشارة واضحة ان لا مفاوضات مع الولايات المتحدة مستقبلا.
من جهة أخرى يعكس التصريح الاقتتال داخل النظام فهناك تيار يقوده الرئيس روحاني للبقاء في الاتفاق وهو مناقض لتيار يدعمه ضمنا المرشد الأعلى خامنئي بالانسحاب من الاتفاق.
تصريحات شامخاني تُعدْ انعكاسا للصراع الكبير في كواليس نظام الملالي الذي اظهر نفسه كالمنتصر عند توقيع الاتفاق عام 2015 رغم انه مُذل والذي ولدَ ميتا اصلا لكن النظام كان يبحث عن اي نصر لإخافة الضعفاء وبث امل ولو مزيف لاتباعه والذي انطلى فقط على سُذج السياسة.
تداعيات التوقيع على الاتفاق النووي ظهرت مباشرة بعد التوقيع حيث اعترف ضمنا وزير خارجية النظام جواد زريف بانه قد أخطأ في التوقيع على الاتفاق وفعلا كاد ان يُطاح به لكن النظام لم يكن لديه البديل كي يفرط بجواد زريف الذي يرزح الان هو نفسه تحت العقوبات التي صدرت ضده مؤخرا والتي هي مسمار تاريخي في نعش الخارجية الايرانية لم تشهده إيران في تاريخها ابدا.
المفاوضات حول الاتفاق استغرقت 10 سنوات وكانت كافية لمُفاقمة الوضع الاقتصادي المُزري داخل إيران ثم جاء التوقيع ليؤجل احلام النظام لعدة سنين اخرى وهو بحاجة الى قبلة حياة كي يستفيق وهكذا ظن انها، لكن الواقع اثبت العكس وهو ان الوقت لم يكن في صالح النظام ابدا. النظام الايراني في تخبط عارم غير مسبوق منذ 40 عاما نتيجة العقوبات الغير مسبوقة التي يرزح تحتها والتي لم يستطع ان يلتف عليها وما محاولاته في هذا الصدد ليست الا ككأس ماء صغير وسط صحراء طويلة لا غالب فيها سوى العطش.
Comments