في الغرب لا سيما الولايات المتحدة الامريكية ليس لديهم تزوير في الانتخابات كما هو الحال في دولنا العربية المتعفنة حد التقزز لكن هنالك طرق للسيطرة على توجهات وتفضيلات الناخب وساتطرق هنا لاساليب التحكم بمزاج الناخب الامريكي حصرا حيث هذه قد لاتنطبق كثيرا عل الناخب الاوروبي فلكل بلد اسبرينه الخاص.
الناخب الامريكي يعتبر من اغبى الناخبين في العالم فهو عبد الاعلام حصرا ويصدق كل مايقوله له الاعلام ولو قال له ان الشمس تثلج في الصيف فالاغلبية في الولايات المتحدة تعليمهم جدا بسيط وثقافتهم (وهذا هو الاهم) شبه معدومة واقصد الثقافة السياسية والاقتصادية لاسيما السياسة الخارجية فهي ضحلة لدرجة ان اكثر من نصف الامريكيين كانوا يجهلون اي يقع العراق او حتى من هو العراق عندما قررت حكومتهم غزوه واحتلاله عام 2003 ولم يكونوا قد سمعوا بافغانستان قبل عام 2001.
الانتخابات الرئاسية الامريكية على الابواب ومن الطبيعي ان يشدد كل طرف (الجمهوريين والديمقراطيين) من حملته في محاولة للفوز بالانتخابات وباي طريقة كانت سواء نظيفة ام قذرة, نعم قذرة.
الان المادة الدسمة هي وباء كورونا الذي يفتك بالعالم وبالاخص بالولايات المتحدة الامريكية فبدأ كل حزب بتجيير الوباء لصالحه او لنقل مُخرجات الوباء فالديمقراطيين يضخمون من تبعاته بمكبرة الكترونية والجمهوريين مازالوا تحت وقع الصدمة والتخبط بادٍ على تصرفاتهم بدءا من الرئيس الامريكي دونالد ترمب نفسه الذي اخترع واكتشف علاجات لفايروس كورونا اكثر من مرة خلال شهرين فقط فصار محط تندر وسخرية ليس محليا فقط بل عالميا و وزير خارجيته لم يبقي دولة إلا وحملها مسؤولية نشر الفايروس بل وصل حد التكلم ونشر نظريات مؤامرة وظهر يتخبط في احدى المقابلات التلفزيونية عندما غير رايه خلال 30 ثانية الى النقيض فيما يخص بيان المخابرات الامريكية بان الفايروس غير مخلق مختبريا وكان في نفس المقابلة يقول انه فايروس مخلق في الصين, وهكذا دواليك.
فكان لابد من استغلال الوباء بابشع شكل لضمان الفوز بالولاية الثانية للجمهوريين وان كانت على حساب المواطن الامريكي.
الحل الوحيد اللعب على وتر الوطنية واسميها الشوفينية وهي خلق عدو خارجي وهذه ليست خطة جديدة فقط تم تطبيقها عام 2001 عندما خلقت الولايات المتحدة من طالبان والقاعدة ندا فضخمته وحشدت التاييد الداخلي والعالمي ايضا لدحره مع العلم انها مجرد عصابة صغيرة ففاز جورج بوش بتاييد الكونغرس لاحتلال بلدين في اقل من 3 سنوات وهما افغانستان والعراق ومع ذلك اعطى الناخب الامريكي صوته له فعلا لولاية ثانية وبالرغم من وبال هاتين الخطوتين على الولايات المتحدة.
اليوم يحشد الجمهوريين كل جهودهم وتاثيرهم وسلطتهم في بعض مؤسسات الدولة لذر الرماد في الاعين واقناع الناخب الامريكي بان الصين (يتم تكرار كلمة الحزب الشيوعي الصيني اثناء التصاريح الاعلامية من قبل ترمب وبومبيو) هي سبب تعاستكم هذه وهي وراء انتشار فايروس كورونا (وان تراجعت الادارة الامريكية عن ادعائها في بداية الامر بتعمد الصين) لكنها تحمل الحزب الشيوعي الصيني مسؤولية تفشي الوباء نتيجة تقصير وتتهم بذلك منظمة الصحة العالمية ايضا ونلاحظ ان الطرفين خارجيين وليسوا جهات داخلية رغم ان كل الدلائل الواضحة للعيان تثبت بما لا يقبل الشك بان الادارة الامريكية اعتمدت على تقرير معيب كتبه صهر ترمب المدعو جاريد كوشنر حيث اقنع ترمب به ان الوباء مجرد نظرية مؤامرة ولايستدعي اخذ اي حيطة او حذر او تطبيق اجراءات غير اعتيادية فخرج ترمب وقال بالحرف الواحد " لما اقلق وهي انفلونزا عادية" رافضا بالفعل حينها اتخاذ اي اجراءات رغم مناشدة وضغط الجهات الصحية في الولايات المتحدة الى مابعد بداية شهر اذار مارس.
وقع ترمب في شر اعماله فكان لابد من رمي الكرة في ملعب خارجي لاذكاء النعرة الوطنية العمياء فصار يكرر الاتهام كل يوم نعم كل يوم هو و وزير خارجيته فقط دون اي مسؤول ثاني الى الصين بانها السبب وراء تفشي الفايروس بل ضرب عرض الحائط كل التقارير الطبية والعلمية الصادرة من ادارات صحية امريكية تنفي كلامه المتخبط فتارة يدعي انه فايروس صيني وتارة يدعي انه تقصير من الصين وتارة يقترح تصنيع مضاد حيوي من محاليل غسل الملابس الخ من تخبطات لم تشهدها الولايات المتحدة في تاريخها.
صار يطبق نظرية وزير الدعاية النازي غوبلز . . اكذب اكذب اكذب حتى يصدقك الناس وهي ناجعة جدا للعلم
فنلاحظ انه يكرر الكذب كل يوم لغسل دماغ الناخب الامريكي ثم جعله يؤمن ويوقن بان الولايات المتحدة تتعرض لهجوم من قبل الصين وان بلاده ضحية وان المُخّلص هو ترمب لا غيره بعد ان قالت اوروبا لامريكا ولاول مرة " ابعدونا عن مشاكلكم ولا تدخلونا في هذا " فاصبحت الولايات المتحدة لاول مرة في تاريخها وحيدة تواجه خطر الانهيار فالحليف الاستراتيجي تخلى عنها بالاضافة الى حلفاء اخرين كانوا قد انضموا اليها سابقا لكن اليوم تخلوا ايضا عنها.
نعم قد ينجح ترمب على اكثر تقدير في سعيه للفوز بفترة رئاسية ثانية فالمخططين للحملات الانتخابية الامريكية من اقذر المفكرين فالتاريخ يخبرنا كما اسلفت كيف انهم لا يدخرون وسعا لفعل اي شيء للفوز بالانتخابات.
حظوظه في الفوز بولاية ثانية مازالت عالية جدا فخصمه الديمقراطي يدعوا للشفقة والناخب الامريكي لا ينتخب ابدا اي مرشح تبدو عليه مظاهر الوهن والعجز اي لا يصرخ بما فيه الكفاية فكما اسلفت انه ناخب غبي جدا, هذا هو سر النجاح واللعب على تفضيلات الناخب الامريكي وقد حدثت في فترة ترشيح اوباما حيث كان خصمة جون مكين العجوز المريض الذي نقل للطواريء في المستشفى اثناء حملته الانتخابية مرتين تاركا اثرا سيئا عند الناخب الامريكي الذي سال نفسه " هل هذا العجوز المريض سيمثلني ويقود البلد"!
هاهو ترمب يلعب نفس اللعبة, فجو بايدن عجوز وغير كفوء وليس لديه قاعدة شعبية مبنية على الصراخ ثم ان ترمب قد نسف مصداقية جو بايدن بتعريض سمعته للتساؤول عندما فضح استثماراته خارج امريكا عن طريق ابنه الامر الذي هز ثقة الناخب الامريكي به.
الان يلعب ترمب على وتر الشوفينية اي اثارة النعرة الوطنية المتشددة تجاه الوطن وان كانت مبنية على قاعدة خلق كره وعدو خارجي غير حقيقي.
الجمهوريين اصبحوا كالديمقراطيين, مذاقهم محلي فهذه الحملات تصب في مصلحة الصين حصرا فالصين لاتريد اي تدخل في الانتخابات الامريكية بل هي اخر همومها فهي تعلم علم اليقين ان الولايات المتحدة بدأت قبضتها تفلت في الخارج نتيجة كثرة التدخلات التي ولدت كره دولي فصارت اي الصين عينها على السيطرة الخارجية واحتلال موقع امريكا في العالم ( لا اقصد الموقع والهيمنة العسكرية رغم انها جائزة) وهذا مايحدث فعلا فشعار ترمب امريكا اولا "لنجعل امريكا عظيمة مرة اخرى" انصب على سحب الولايات المتحدة من كل مواضعها الخارجية فقد دمر ترمب كل علاقاتها مع منظمات العالم بدءا من الامم المتحدة مرورا بمنظمات حقوق الانسان والى الانسحاب من معاهدة باريس للمناخ والان منظمة الصحة العالمية التي هي اكبر من حيث الحجم من الامم المتحدة نفسها بل ذهب الامر لابعد واخطر من ذلك بان قامت الولايات المتحدة بالفعل وفي غفلة من الامر بالتقليص من تواجدها العسكرية خارج الولايات المتحدة وهذا لم يحدث منذ عقود طويلة.
الانسحابات الامريكية متالية وستستمر الى ان تنكفأ كدولة عظمى محلية مشغولة بمشاكلها الداخلية المتفاقمة والتي قد تقود الى تفكك داخلي فعلي لا سيما ولايات الجنوب الامريكي الحاقدة على شقيقاتها.
البحث والتقصي ليس ضالة الناخب الامريكي ابدا ولم يحدث هذا من قبل والنخبة منهم قلة لا يشكلون اي ثقل يذكر ولا اي تاثير يذكر في توجيه الانتخابات نحو الافضل فالاعلام هو المتحكم والذي يدفع اكثر للاعلام هو الفائز.
اختمها بقول للاوربيين عن الانتخابات الامريكية وهو قول يُزعج الامريكيين " من الخطأ ترك الانتخابات الامريكية للامريكيين"
تحيتي
Comments