رياض بدر
بالرغم من إن أسعار النفط العالمية تعافت منذ عدة شهور وفي طريقها بثبات واضح لتلامس الـ 80 دولار للبرميل لكن فجأة بدأت أوبك بالدعوة إلى رفع الإنتاج وبالاتفاق مع دول من خارج أوبك مثل روسيا والتي تتبنى مع السعودية سياسة صارمة في إنتاج النفط. الدعوة جاءت قبل أيام فقط من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية وبشكل غير رسمي بل فقط عبر مصادر لم تكشف عنها رويترز بأنها عازمة على إصدار قرار بتحذير كل الدول التي تستورد النفط الإيراني بعقوبات اقتصادية إن هي لم توقف استيراد النفط الإيراني اعتبارا من شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل فهل تم وضع توقيت إسقاط أكبر نظام إرهابي في العالم قريبا!
منع استيراد النفط الإيراني سيكون بكل تأكيد كارثي على الاقتصاد الإيراني بل حتما سيطيح بنظام خامنئي وبسرعة كبيرة لكن في نفس الوقت قد يخلق ارتفاع أسعار نفط غير مسبوقة وهذا ما لا تريده بعض الدول الصناعية الكبرى خاصة الولايات المتحدة فتم الاتفاق مع حلفائها الكبار في هذا الموضوع حول دعم السوق وزيادة الإنتاج كي لا تقفز الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة أو قد تتجاوز الـ 90 دولار للبرميل مما قد يعرض الاقتصاد العالمي لموجة تضخم غير محمودة ولا مرغوبة في هذه الفترة.
تطبيق القرار بزيادة الإنتاج سيبدأ فورا من بداية شهر تموز القادم الأمر الذي سيمهد لنتيجة حتمية فورية وهي خفض أسعار النفط وهذا ما لا يصب في مصلحة نظام الملالي أخذين بنظر الاعتبار أن إيران والعراق قد خرقا الاتفاق النفطي في أوبك بالالتزام بالحصص منذ عدة أسابيع وقاما بزيادة الإنتاج مستغلين ارتفاع الأسعار مما أزعج باقي الأعضاء بشدة.
لنرى الأن ما فعلت الولايات المتحدة وحلفائها بالاقتصاد الإيراني منذ منتصف شهر آيار مايو في هذه السنة وما كان تأثيره:
تمزيق الاتفاق النووي الإيراني المشؤوم والذي أمد في عمر النظام الإيراني حيث سمح له بتصدير النفط وإطلاق مبالغ مالية كبيرة كانت محجوزة لدى الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما مما أعطى للنظام قبلة حياة في اللحظات الأخيرة.
حذر ترامب يوم تمزيق الاتفاق النووي من أي دولة تتعاون مع إيران بعقوبات اقتصادية مهما كانت هذه الدولة حليفة أو صديقة للولايات المتحدة ثم توعد إيران في نفس اللحظة بعقوبات غير مسبوقة ستقصم ظهر النظام.
لم يسبق للولايات المتحدة الأمريكية أن أرغمت حلفاءها أو حتى غير حلفاءها على وقف استيراد النفط من دولة معينة مع تهديد بفرض عقوبات اقتصادية للمخالفين وهذه الخطوة غير مسبوقة وفي نفس الوقت قد تصل لدرجة أنها قد تكون رصاصة الرحمة في راس النظام الإيراني.
حاولت باقي الدول الموقعة على الاتفاق الإبقاء عليه لكن مع تعديلات فرضتها واشنطن فيما يخص البرنامج الصاروخي الإيراني لكن لم يفلح الأمر بل حتى إيران أعلنت أنها ستنسحب من الاتفاق فقد أصبح عديم الجدوى مع نهاية هذا الشهر حزيران يونيو 2018 أي أن الاتفاق الميت أصلا جاري إصدار شهادة وفاته رسميا خلال أيام قليلة.
بعض العقوبات بدأت تؤتي ثمارها فها هي العملة الإيرانية تهوي إلى مستويات غير مسبوقة تاريخيا فقد وصل الريال مقابل الدولار إلى مستوى الـ 90 الف مما زاد في حدة غضب الشارع الإيراني الغاضب أصلا فقد اضرب التجار في بازار طهران الكبير وخرجوا في تظاهرات وإضرابات ضخمة لم تشهد مثلها طهران منذ سقوط الشاه منددة بسياسة المرشد الأعلى وتبذيره الأموال في تدخلات غير مجدية بل لا طائل منها غير الخراب للدول المجاورة وزيادة النقمة المضادة وتأثير ذلك التبذير على الخزينة الإيرانية حيث تدفع إيران مليارات الدولارات لدعم ميليشيات إرهابية وطائفية لتدمير دول في المنطقة مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وعشرات الميليشيات في العراق والتي تعمل بغطاء رسمي من خلال البرلمان والجيش والحكومة بل صارت تتحكم في كثير من قرارات الحكومة العراقية الهزيلة أصلا.
بدأت كبرى الشركات العالمية والتي فتحت أبوابها وأرسلت استثماراتها لإيران مع توقيع الاتفاق النووي بدأت بوقف نشاطاتها وسحب استثماراتها من إيران تخوفا من عقوبات اقتصادية أمريكية مباشرة عليها وفعلا لم يبقى في إيران لا شركة ولابنك أجنبي ورحل الجميع تاركين من ورائهم الأف العطلين عن العمل واقتصاد بمعنويات منهارة.
دعمت الخارجية الأمريكية من خلال تصريحاتها الممثل الشرعي للشعب الإيراني وهي منظمة مجاهدي خلق وشددت على إن النظام الإيراني يخرق كل محظور لا سيما تبذير مقدرات شعبه وحث الشعب على عدم السكوت ودعمهم بإشارات واضحة بان النظام سينهار وعليكم بالاستمرار في الانتفاضة ضده. منظمة مجاهدي خلق كانت من ابرز المنظمات المعارضة للشاه فهي كانت تمثل روح الشباب دائما وتطلعاتهم لمستقبل افضل فهي المشاركة في اطاحة الشاه واليوم ايضا ستطيح بخامنئي ونظامه وهذا دليل واضح على صدق توجهات المنظمة بانها لا تمثل إلا الشعب وحقه في العيش بكرامة.
يبقى أن نعرف إن إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران ستبدأ في شهر آب أغسطس القادم الأمر الذي بدأت تباشيره منذ أيام على الاقتصاد الإيراني فكيف الحال بعد البدء بالعقوبات! وحضت الولايات المتحدة حلفائها الـ 14 في مجلس الأمن في أول جلسة تنعقد بعد الغاء الاتفاق النووي حضت حلفائها على فرض عقوبات ضد النظام الإيراني بسبب سلوكها الخبيث على حد تعبير الولايات المتحدة خلال الاجتماع.
مؤتمر باريس القادم والذي يعقد يوم 30 من حزيران/يونيو ينعقد هذه المرة تحت ظروف ذات نوعية خاصة فالنظام الإيراني يمر بمرحلة مشابهة تماما لأواخر أيام نظام الشاه السابق والذي لم يسقط بفعل عقوبات اقتصادية دولية ولا لتدخله وتبذيره الأموال على ميليشيات إرهابية لكن تم إسقاطه من قبل الشعب بعد أن بذر مقدراته بشكل غير مدروس مضافا عليها سياسة القهر وتثبيت عرشه على حساب الكفاءات والوطنيين والتي لو قيست بسياسة الملالي اليوم لأصبح الشاه ارحم الراحمين, فالملالي فقدوا صوابهم لدرجة إن لاريجاني توعد بإعدام كل المعارضين والمتظاهرين وهذا يعكس الحالة الهستيرية التي وصل إليها النظام بل الدائرة الخاصة لخامنئي وهذه هي احد اكبر إشارات الانهيار عادة عندما يفقد أي نظام صوابه ويتخبط بكل شيء لا سيما التصريحات فقد بات مؤكدا ان النظام بدأ يعي ان ايامه هذه شبيه باخر ايام الشاه الذي اطاح به الاقتصاد المتردي والقمع الاستبدادي وهي عوامل لم ينجو منها نظام ابدا.
مؤتمر باريس ينعقد وإيران تغلي بشكل غير مسبوق بل سيكون هناك ثوران أكبر خلال الفترة القصيرة القادمة وبالضبط عند البدء بتطبيق العقوبات في شهر أغسطس ثم سيتم منع استيراد النفط الإيراني فالمؤتمر يتضمن شخصيات سياسية دولية وذات تأثير غير عادي في الموقف الدولي الأمر الذي يعطي إشارة واضحة إن كلمة الشعب الإيراني هي العليا وهي التي يسمعها الأحرار والدول العظمى في العالم وبدأ دعمها من كل دول العالم هذه, فهذه الشخصيات المؤثرة صارت تلبي نداء الشعب الإيراني وممثله الشرعي منظمة مجاهدي خلق وتحضر وتدعم نضالها وتحضر كل فعالياتها لا سيما مؤتمر باريس السنوي وهذا دليل على جدية المجتمع الدولي للسعي في إسقاط النظام الإيراني الذي بات بلا أي فعل غير الفعل الشيطاني في المنطقة والعالم.
يتبع هذا المؤتمر قمة غير اعتيادية بين قطبي العالم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهي قمة حتما ليست اقتصادية فالاقتصاد بين البلدين ليس ذي شأن ولا تأثير في الاقتصاد العالمي كما الحال بين الولايات المتحدة والصين او بين امريكا و والاتحاد الأوروبي.
القمة سياسية بكل معنى الكلمة وهي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط وأوروبا، فروسيا هي من تمسك بزمام الأمور في سوريا وقد بدأت تتجاوب مع حلف الناتو فيما يخص تواجد ماعش (المليشيات الإيرانية في العراق والشام) في سوريا بل حذرت كل المليشيات من البقاء في سوريا، فهل ستكون القمة هي عن مرحلة ما بعد إيران!
السياسة النفطية السعودية - الروسية بدأت تُعجب الإدارة الأمريكية لا سيما ترامب الذي لم يهاجم الرئيس بوتن قط وهذا حَدث غير مسبوق فمعروف عن ترامب انه يهاجم حتى من لا يهاجمه بل أن الروس والسعوديين وفي هذه الفترة أقرب ما يكونوا عليه من البيت الأبيض وسياساته وكأن شيء في الأفق يلوح فهل اقتربت روسيا من المياه الدافئة والثمن هو رأس خامنئي!
Comments