top of page
صورة الكاتبرياض بـدر

اكبر حلف اقتصادي في العالم بدون امريكا واوربا



 

الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة هو اسم الحلف التجاري الجديد الذي شكلته 15 دولة اسيوية حصرا تضم بينها اقتصادات عالمية كبرى بل قيادية مثل الصين واليابان بالاضافة الى كوريا الشمالية وسنغافورة ذات الاقتصادات المتينة كذلك ضم الحلف دول من مجموعة العشرين G20 مثل ماليزيا واندونيسيا كذلك ضم استراليا ونيوزيلندا.


لماذا هذه الدول


هذه الدول تتمتع بقوة سياسية هادئة وثابتة ولا تعاني من اضطرابات جيوسياسية ولا تبعات للوبيات اوروبية او امريكية (قد تكون مشاركة مع لوبيات لكن لاتسير في فلكها) لما لهذا الثبات والهدوء اثر كبير وعميق في مستقبل حلف كهذا اخذين بنظر الاعتبار ان رأسمال المال جبان اي لا يذهب الى اماكن الاضطرابات ذات المستقبل الغير مضمون ولا واضح مثل الشرق الاوسط بل حتى اماكن معينة في اوروبا نفسها.


هذه الدول تشكل قرابة 30% من سكان العالم (2.3 مليار نسمة حسب احصائيات عام 2019 وبزيادة لاتقل عن 10% خلال العقدين القادمين) اي اننا هنا نتحدث عن قوة استهلاكية وإنتاجية لم تجتمع في تحالف مشترك ابدا ولم تلتقي سوية في تكتل تجاري مماثل في اي مكان في العالم بل في التاريخ مثل هذه النسبة من سكان العالم بالإضافة الى ان هذه النسبة تشكل ايضا 30% من الناتج القومي للعالم اي انها فعلا تشكل اكبر سوق في العالم بعد ان كان الاتحاد الاوروبي هو الاكبر ويليه اتفاق USMCA بين الولايات المتحدة المكسيك وكندا.


تم استبعاد الولايات المتحدة من هذا التحالف التجاري الضخم بعد ان سحب ترمب الولايات المتحدة من التجمع الآسيوي الباسفيكي TPP الذي كان من الممكن ان يكون اضخم حلف اقتصادي في العالم لا يضم الصين ويضم الولايات المتحدة وقعه الرئيس الامريكي الأسبق باراك اوباما في فبراير 2016 والذي لو قدر له ان يتفعل لكان فعلا طوق خانق حول الصين حيث يضم اغلب دول المقدمة الاسيوية ويسحب البساط من تحت اكبر سوق للصين في شرق الكرة الارضية, وغربها, لكن ترمب انسحب في عام 2017 منه وبغباء تام قبل ان يتفعل الاتفاق فاصبح TPP هو النواة لتشكيل هذا الحلف الجديد لكن هذه المرة بقيادة الصين فكان خير عقوبة بل انقلاب ضد الولايات المتحدة لتستمر سياسة انحسار الاقتصاد الامريكي الى السوق المحلي الامريكي والذي قد يقود الى انحسارات في كل شيء كما بدأنا نرى منذ تولي ترمب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية وان كان قد فشل في اعادة انتخابه فهل يستطيع جو بايدن ان يصلح ما افسده ترمب في 4 او 8 سنوات اخذين بالاعتبار ان البناء ابطء من التهديم !


الحلف تشكل بعيدا عن قطبين كبيرين وهما روسيا والولايات المتحدة كذلك لايشمل اي دولة من الاتحاد الاوروبي حيث كما معلن هو حلف اسيوي واسميه حلف شرق الكرة الارضية حيث يضم استراليا ونيوزلندا ايضا باعتبارهما من ضمن منطقة الحلف جغرافيا وبالتالي مصيريا بالرغم من انسحاب الهند التكتيكي عند المحادثات لكن الباب ظل مفتوحا لها كما صرح الحلف بهذا اخذين بنظر الاعتبار سياسات الهند البراغماتية عندما يتعلق الامر باتجاهات جديدة لبوصلة القوى.


الحلف شكل الان منطقة ستكون عونا للصين في إيجادها سوق ضخم بل هو اضخم سوق في العالم واكثر ودية من السوق الامريكي الخاضع لمزاجيات سياسية شديدة التقلب بتقلب السيطرة على كرسي البيت الابيض رغم ان الولايات المتحدة تعتبر نفسها سوق مفتوح وانها قائدة النظام الرأسمالي لكن يبدو انها تخلت عن هذا المبدأ بعد ان صار موضوع المنافسة المحلية عنصرا هاما بل وحيدا في شعارات المرشحين للرئاسة حيث اصبحوا موضوع فقدان الوظائف جوكر يلعب به المرشحين للبيت الابيض كأنهم يبحثون عن شماعات يرمون عليها فشلهم وعدم فهمهم لما يحدث ما وراء الأطلنطي كي يقنعوا بل يوهموا الناخب الامريكي بالمشكلة هذه وان الحل هو كما يراه المرشح الجديد للبيت الابيض لهم.


فكما ذكرت في مقالة سابقة ان الولايات المتحدة ومنذ عام 2001 منشغلة تماما بخلق وتبرير حروبها الخارجية وتدخلاتها التي لا طائل منها سوى تنفيذ خطط بريطانيا ومصانع الأسلحة ولوبيات اخر همها المواطن الامريكي بالإضافة لارضاء حلفاء كهلة في مناطق متفرقة من العالم مثل الشرق الأوسط واقصد اسرائيل المثخنة باحزابها العنصرية ومشاكلها الاقتصادية وكذلك قبائل خليجية يبدو انها في طور التلاشي بعد ان بدأت تاكل بعضها بعضا.


هذا الانشغال ماهو إلا محاولة يائسة من عجوز بحر الشمال لقطع طريق الحرير او كما يسمى الآن مبادرة الحزام والطريق فبدأتها بغزو العراق ثم الانسحاب من الاتحاد الأوروبي المنفتح على المبادرة.


تاييدا لهذا الرأي ناخذ بالاعتبار علاقة الولايات المتحدة بدول امريكا اللاتينية والتي هي سيئة جدا يشوبها تاريخ مليء بالدم لم يندمل جرحه بعد فقد كانت الولايات المتحدة تدبر الدسائس والانقلابات والحروب ضد ارادة شعوب تلك المنطقة مقارنة مع سياسات الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايلند وكل دول الحلف الجديد التي لها علاقات جيدة مع بعضها البعض ولم يحدث ان افتعلت الصين او غيرها من تلك الدول انقلابات وحروب شردت اي من الشعوب في تلك المنطقة اوعملت ضد ارادة شعوبها اطلاقا, وهذه نقطة مهمة في موضوع القبول من قبل عالم الغد وموقفها تجاه القوى الاسيوية الصاعدة والقوى الغربية الافلة المليئة بتاريخ غير مشرف اطلاقا مع عجز تام عن مجاراة الحاضر بكل مافيه من تغييرات نحو عالم قادم ورأب صدع الماضي وقد صرحت بهذا المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في مؤتمر الحزب المسيحي الحاكم في عام 2010 حيث قالت بالحرف الواحد " لقد فشلنا " وكانت تتكلم عن سياسة اندماج المهاجرين في المانيا وكان صوتها عاليا موجها للاتحاد الاوروبي واثبتت السنين العشرة الماضية بانها كانت مصيبة في كلامها رغم النقد الذي تعرضت له بانها مخطئة واعتقد 10 سنوات كانت كافية باسكات المعترضين الذين لم يقدموا اي حل سوى كلام مبني للاحلام والعواطف الغير واقعية.


مسار الحلف


الحلف الجديد المسمى اختصارا RCEP سيبدأ عمله مباشرة بعد انحسار وباء كورونا ويبدو ان الوباء اخذ فعلا بالانحسار في ذلك الجزء من العالم حيث سحقته الصين بجدارة بل صارت أعداد المصابين اقل من أعداد أصابات حادث سير بل أنها أرقام لا ترقى الى مرتبة وباء او حتى مرض خطير ونحن نتكلم عن موجة ثانية تعصف باوروبا وامريكا وأودت باقتصادات كانت تسمى متينة قبل 10 اشهر فقط واضعين بالحسبان ان الولايات المتحدة الان منشغلة بالمناكفة بين الحزبين حول مَن احق بالرئاسة وايضا كيفية صرف المعونات للعاطلين عن العمل والأوروبيين مشغولين بغلق البارات والمطاعم ونشر الشرطة لفرض لبس الكمامات وتعليم الناس كيفية غسل اليدين وتعقيمها, في حين ينشغل الآسيويين بالعمل على اقتصاد ما بعد الوباء بل وما بعد عام 2030 فشتان ما بين الحالين في حين ان الصين واليابان اللدودان اللذان هما ثاني وثالث اكبر اقتصادات العالم وقعتا اتفاقية تخفيض جمركي تاريخية ثنائية تعطينا دليل على ما ستبدوا عليه اوضاع تلك المنطقة في المستقبل المنظور لما تشكله اقتصادات هاتين الدولتين من ثقل في اسيا وتاثير على الاقتصاد العالمي.


جذب اهتمام اليابان والصين بعيدا عن سوق الولايات المتحدة سيكون له اثر ثقيل بل قاتل على سوق الاخيرة فالسوق الامريكية تعتمد بشكل كبير على شركات امريكية ذات مصانع في الصين وعلى منتجات صينية ايضا لكن هذه الميزة ستبدأ بالتضاؤل تدريجيا من الان وحتما سيتبعها تشديد التعرفات الكمركية من قبل دول حلف RCEP على الاسواق والشركات الامريكية في الداخل الامريكي بكل تاكيد اي نتكلم عن انقلاب كبير في الميزان التجاري له تبعات اقتصادية خطيرة على الاقتصاد الامريكي. (الاقتصاد الاوروبي يتمتع بخاصية معقدة وهي انه قد يستفاد من التشدد الاسيوي او لاي حلف اسيوي فهو سيقوي الانتاج المحلي الاوروبي الذي انكفأ بشكل كبير نتيجة المنافسة من خارج الاتحاد حيث ان القاعدة الصناعية والاستهلاكية في الاتحاد ماتزال تعتبر الاضخم في العالم وان اصبحت الثانية فان التحالف الجديد قد يلقي بضلال ايجابية على الاتحاد الاوروبي المثخن بجراح الناتج الخارجي)


آليات لتحقيق غايات


على هامش توقيع الاتفاق صرح وزير المالية الصيني بان الحلف الجديد سيزيل بعض التعريفات الجمركية بين الاعضاء فورا وبعضها سيتم رفعه على مدى 10 سنوات الامر الذي سيسهل ويعزز من التجارة داخل منطقة التحالف التي يشغلها حاليا 2.2 مليار مستهلك بوتيرة متصاعدة كما أسلفت.


فحلف RCEP سيرفع التعرفة من على المنتجات الصناعية والزراعية وسيضع قواعد جديدة لنقل المعلومات كما صرح بهذا رئيس قسم السياسات التجارية المتعددة في وزارة التجارة التايلندية لونك هوانك.


الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة لا تبدو ان في اولوياتها اي مسعى خارجي فقد وجهت صحفية سؤال الى الرئيس المنتخب بايدن حول هذا الاتفاق وهل في خططه اي رؤية عن كيفية التعامل تجاه اضخم حلف تجاري في العالم جرى الاعلان عنه فكانت إجابته مقتضبة و اوضح ان إدارته تولي اهمية لمعالجة وباء كورونا الذي كانت لأخطاء ترمب اثر كبير في انتشاره في الولايات المتحدة بعد ان استمع وصدق تقرير صهره المليونير جاريد كوشنر خريج هارفارد بان الفايروس مجرد نظرية مؤامرة تستهدفه الأمر الذي جعله يتجاهل تقارير وتوصيات طبية من مراكز السيطرة على الأوبئة بل كاد ان يعزل رئيس المعهد الوطني للامراض والأوبئة الدكتور انتون فوتشي وهو مستشار البيت الأبيض كذلك بسبب إصراره على اتخاذ قرارات الإغلاق والتوصيات ضد تفاقم الوباء لكن لم يؤخذ بتوصياته الا بعد فوات الاوان ومقتل عشرات ألألاف والامر مستمر لغاية اليوم. اي اننا نرى ان الإدارة الامريكية القادمة ستكون بموقف لاحول ولا قوة من الحلف انما ستنكفأ لإصلاح التهديم الذي حدث خلال فترة ترمب حصرا.


بدأت دول عربية وبالأخص دول الخليج بعداء لحلف RCEP منذ قبل ولادته حتى حيث لم يتم ذكره إطلاقا في الإعلام ولا حتى توقيعه يوم الأحد الفائت 15 تشرين الثاني نوفمبر 2020 رغم انه أضخم حلف اقتصادي في العالم بل في التاريخ ومنطقة الحلف مجاورة لهم بل تأثيرها الأول سيكون عليهم وذلك باعتقادي لسببين لا ثالث لهما:


الاول: هو ان توقيت الإعلان عن انبثاق الحلف يؤثر إعلاميا بل فعلا اثر على موعد انعقاد قمة العشرين G20 الافتراضية عبر الإنترنيت وتصادف يوم 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2020 في السعودية الأمر الذي سيجذب الانتباه ولو داخليا بعيدا عن المؤتمر وهو أمر ضرب السعودية في مقتل حيث ستغيب الأبهات الإعلامية والتجمهر وأساليب التفاخر الدعائية اي البروبكندا وهذا امر يعول عليه السعوديين كثيرا.


الثاني: ان الحلف لم يسمح لدولة عربية ان تكون عضوة فيه بل ان ماهية و أهداف الحلف وسياسته ستؤثر بشكل سلبي كبير على اقتصادات اصلا في مهب الريح مثل اقتصادات الدول العربية والخليجية بالذات فهذا الحلف فيه أضخم سوق للمنتجات النفطية لكن في المقابل يضم اكبر الدول الصناعية وسوق الطاقة اصبح منتشرا على سطح كوكب الأرض وليس كحال السبعينيات والثمانينات ابدا محصورا في مناطق محدودة في العالم.


لذلك وبسياسة مكررة عقيمة تجاهل بل عتم الإعلام العربي والخليجي عن الموضوع وكأن شيئا لم يكن رغم ان دولة الإمارات على سبيل المثال فيها مكاتب فرعية لأكبر وكالات الإعلام الاقتصادية مثل CNBC و Bloomberg وهذا دليل على ان هذه المكاتب الفرعية ليست على مستوى لا من الأهمية ولا من المهنية تاركين شعوبهم في تضليل والى مصير مجهول.


لقد حللت في مقالات سابقة ان الحرب الاقتصادية الامريكية ضد الصين لن تأتي بالخير على الولايات المتحدة ابدا فهي ستقوي الصين اكثر وسينعكس هذا على اقتصاد وعزلة الولايات المتحدة وها هي الرياح تجري كما ذكرت وتأخذ السفينة الامريكية وحلفائها بعيدا عن شاطيء اليقين والمستقبل فنحن نشهد تحالفات في اسيا وفي اوروبا لا يكن اي منهما احترما او تبعية للاقتصاد الأمريكي بل بين سطور أهدافها حرب شعواء للقضاء على الاقتصاد الأمريكي الذي اصبح اقتصاد بورصات التي لا تفرق كثيرا عن صالات القمار والروليت كما نشاهد منذ عقود طويلة فهي تققز لأتفه الأسباب وتهبط لتفاهات اكبر وترفع قيمة مؤسسات بأكثر من قيمتها وتهبط بقيمة أصول متينة بأقل من قيمتها حسب أهواء غير اقتصادية ابدا بل ان موضوع العرض والطلب اصبح يقرأ بالعكس.


لقد أُفتُتِحَ الآن عصر التكتلات الاقتصادية الإقليمية الذي اعلن عن عالم ذا حروب باردة متعددة وليس حربا باردة واحدة بين قطبين عجوزين يصارعان من اجل البقاء وفق أرضية منخورة بماضٍ قذر خلق لهم أرضية عدائية منتشرة فوق سطح كوكب الارض فجاء اليوم الذي بلغ فيه الضحايا اشدهم. تحيتي


مشاهدة واحدة (١)٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page