في منتصف ثمانينات القرن الماضي واثناء الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 أعوام نشرت صحيفة لوفينمان الفرنسية مقالا كتبه الصحفي المخضرم بيار بيان صاحب كتاب (القنبلتين) بان الجيش العراقي يكتسب خبرات عالية في الحرب وانه مرشح قوي ليلعب دور شرطي الخليج في المنطقة بعد ان كان شاه إيران يضطلع بهذا الدور لفترة زمنية طويلة وبدعم غربي منقطع النظير لإيران منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضاف بيار ان الجيش العراقي بات قادرا على استعمال الأسلحة الحديثة مشيرا الى ان خبراء عسكريين عراقيين يزورون الان أكبر مصانع الأسلحة في أوروبا وبالأخص الفرنسية منها مثل شركة داسو وسينياس وتومسون وهي أرقى مصانع الأسلحة والمعدات الحربية في فرنسا وأوروبا لغرض عقد صفقات على أسلحة متطورة جدا.
وجاء في المقالة للصحيفة ان صدام حسين يريد انشاء بروسيا جديدة في المنطقة يرويها دجلة والفرات والنفط الامر الذي يثير حفيظة ومخاوف إسرائيل وسوريا وهو الدافع الرئيسي لدعم هاتين الدولتين لإيران وتزويدها بالأسلحة لمخاوفهما من ان يصبح العراق هو القوة الضاربة والاكبر الذي قد يؤدي فعليا لتغيير موازين السياسة والاهداف في المنطقة برمتها.
كان العراق في تلك اللحظة يسعى لتوقيع عقد تجهيز أسلحة من فرنسا بلغت قيمته حينها 50 مليار دولار وهي صفقة فاقت قيمتها مجموع مشتريات العراق للأسلحة من فرنسا منذ بداية الحرب حينها والاكبر في العالم الامر الذي اثار مخاوف الحكومة الفرنسية وهو ما عبر عنه وقتها رئيس الوزراء الفرنسي لوران فابيوس حيث ان بناء قدرة بهذا الحجم قد يعرض توازن المنطقة للاختلال ويقصد ان تترجح كفة العراق على إسرائيل وهو أحد الخطوط الحمراء القائمة ليومنا هذا.
عُرضت الصفقة على رئاسة الجمهورية الفرنسية لأخذ الموافقة النهائية وكان يتزعم فرنسا حينها فرانسوا ميتران فتمت الموافقة على نصف قيمة الصفقة فورا على ان يجري تصدير باقي الصفقة في وقت لاحق للعراق واعتقد ان باقي الصفقة لم يتم تجهيزه بسبب غزو الكويت ثم حرب الخليج الثانية (ام المعارك).
كان موضوع ادامة الحرب العراقية الايرانية امرا لابد منه بالنسبة للغرب وذلك لدرء مخاوف عدة اثبتت السنين بعدها صحتها وهي:
ظهور قوة اقوى او حتى موازية لإسرائيل في المنطقة.
توقيع اتفاقية سلام بين دول مثل العراق وإيران سيؤدي الى انهيار أسعار النفط مما يضر بالشركات وأسعار النفط عالميا وهو أحد مصادر الدخل العليا لدول مثل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بل حتى بعض قبائل غرب الخليج مثل السعوديين والاماراتيين والكويتيين.
تفوق المد القومي العلماني العربي بشكل كاسح على تيار الاخوان المسلمين رغم ضعف الأخير لكنه مدعوم من قبل بريطانيا وإسرائيل.
جنوح العراق الى الحاضنة الروسية نظرا لتمكن العراق من استقطاب الاتحاد السوفيتي بشكل تاريخي فيشكل قاعدة سوفيتية قوية قرب أكبر منابع النفط في العالم.
لقد كان لرئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر الأثر الأكبر لإطالة امد الحرب وذلك لإضعاف العراق فهي تقليديا حارسة للعقيدة البريطانية التي انهارت بقدوم الجمهورية العراقية والاطاحة بالملكية وهو امر لم يغتفر للعراق ليومنا هذا وقد فضح هذه الامر أيضا الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر في اخر مقابلة له في فرنسا قبل وفاته وكيف ان بريطانيا كانت تريد إطالة الحرب وكان الخميني فرحا لهذا.
تحيتي
コメント